dimanche 28 février 2010

بسم الله الرحمن الرحيم
أوصيك يا ولدي
مصطفى عبدالله الونيسي/باريس ounissimustapha@hotmail.com


يا ولدي: ما أتعس الإنسان و ما أجحده عندما ينسى حقيقته، من أي شيء خلقه و أماته ربّه ُ و أقبره ثم متى شاء بعثه !
يقول الله تعالى : (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ، ثمّ رددناه أسفل سافلين إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم أجر غير ممنون ) التين الآيات4/5/6
و يقول سبحانه :( كلآ ّ إنّ الإنسان ليطغى، أن رآه استغنى ، إنّ إلى ربّك الرُجعى ) العلق الآيات 6/7/8
أوصيك يا ولدي :لا تسعى أن تكون جبّارا لأن الجبروت لن تطيقه و لن تصبر على تبعاته وتكاليفه و ستكون أول من يكتوي بناره إن فعلت عاجلا أو آجلا ، لأنّ الجبار الحقيقي هو الله ، فاستحي منه و لا تنازعه حقه سبحانه كما يفعل الكثير من الجهلة .
يا و لدي لا تنسى فضل من سبقوك و حقهم عليك و ادع لهم بالرحمة و المغفرة و لا تحقرهم مهما اختلفوا معك وأزعجوك و أحرجوك إلاّ إذا ظلموا و اعتدوا وانتهكوا الحرمات ( و الذ ّين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ....)الحشر آية 10
إيّاك يا ولدي أن تُعادي أحدا خالفك الرّأي ، و لا تنصب نفسك وصيّا على النّاس إلاّ بوجه حق ، و لا تؤُم قوما هم لك كارهون.
و لا تصدق أحدا، فردا كان أو جماعة، ادّعى أمرا إلاّ إذا جربته و خبرته و رأيته قد وافقت أقواله أفعاله.
يا ولدي، عليك بالتجارب الإنسانية، انظر فيها مليئا، وادرسها بعمق، وقلّبها على كل الوجوه تظفر فيها بحكم كثيرة و دروس مفيدة، فاعتبر بها و استفد منها و إيّاك
أن تُعيد نفس الأخطاء التي سقط فيها غيرك ما استعطت إلى ذلك سبيلا، تُوفر على نفسك وقتا كثيرا ومالا وفيرا و أملا في النجاح عريضا .
يا و لدي لك أن تعرف أن أباك صبر طويلا ، و تغرب دهرا مديدا ، وعاش الفقر و الحرمان و التهميش حتى مع الأنداد ، و قد لحقك نصيب وافر من ذلك و أنت لا تدري لماذا ، و لكن عزاؤنا جميعا أنّ أباك ما بدل و ما غيّر و لا استغنى على حساب المساكين رغم شدّة البلاء ومرارته .
يا ولدي : من حقك عليّ أن تعرف أن أباك أفنى شبابه و كهولته في خدمة الصحوة الإسلامية ، سائلينه سبحانه حُسن الختام ، فانخرط فيما يُسمى بالجماعة الإسلامية ، ثم الإتجاه الإسلامي و أخيرا في حركة النهضة ، فدفع الثمن باهضا على المستوى الخارجي وحتى الدّاخلي مع إخوانه و رفاق دربه، فعاش بينهم غريبا و هم لا يعلمون،ورغم ذلك بقي و فيا لهم و لحركته و للمشروع الإسلامي عموما ، و لكن اليوم الذي تجرأ فيه والدك على قول ما يراه حقا بعد هذا الصمت الطويل تطاول عليه بعض الصغار مُنصبين أنفسهم أوصياء على المشروع ناسين أو متناسين تضحيات و جهود من سبقهم يحسبون أنفسهم أنهم بذلك ٌ قد أحسنوا صُنعا ، و نحن نبرأ إلى الله من هذا السلوك ، و ليس هذا من أخلاقنا و لا من شيمنا .
يا و لدي : ما عرفت تنظيما آخر ، لا قبل تأسيس الحركة و لا بعدها ، و أنا صنيعة من صناعاتها ، و ما ادعيت يوما من الأيام أنني من المؤسسين أو حتى من الرعيل الأول لهذه الحركة ، كما يدّعي كثير من رفاق الدرب ذلك ،بمناسبة أو غير مناسبة ، و أنا لا أنكر عليهم ذلك بطبيعة الحال ، غير أن لكل واحد منّا طباعه التي شبّ عليها.
يا بُنيّ ، درست أربع سنوات في الكلية الزيتونية للشريعة و أصول الدين ، تخصص فقه و سياسة شرعية ، ثم التحقت بجامعة السربون الشهيرة في ظروف صعبة جدّا و درست سنتين تحصلت على إثرذلك على شهادة التعمق في البحث العلمي D.E.A ، بملاحظة ، و لم أتوقف يوما على القراءة رغم كثرة المشاغل و أنت أول من يشهد لي بأنّني قارىء نهم لا يشبع من القراءة وقد قلت لي ذلك مرارا و مع ذلك لم ادعي يوما أنني شيخ من مشايخ العلم ، لا من الحجم الكبير و لا المتوسط و لا حتى الصغير، أو داعية أو حتى طالب علم و أنت تعرف أنني أكره هذه الألقاب ، في حين أنّك ترى أشخاصا لا حظّ لهم من علم حقيقي يُعتد به و مع ذلك أصمّوا أذاننا بادعاءهم العلم و المعرفة ، فهم شيوخ كبار و دعاة لا يُشق لهم غبار . و هذا كله إن دل على شيء ، ياولدي، فإنما يدل على أن الحياة لا تقبل الفراغ ، فإذا تخلى أهل الإختصاص عن ممارسة اختصاصهم لسبب أو لآخر أخذ مكانهم بعض الهواة المتطفلين ليملؤوا الفراغ و يقوموا ببعض الواجب ، و قد يحسنون للإسلام بعض الشيء أن وفقهم الله ، كما أنهم قد يسيئون إليه من حيث يعلمون أولا يعلمون أحيانا.

يا ولدي : لكي تعرف كيف تتعامل مع النفوس البشرية المتقلبة أحكي لك هذه الحكاية فعساك تستفيد منها عندما تصبح رجلا مسؤولا : لقد انتهزت فرحة العيد لأفاتح أحد إخواني من المسؤولين الحزبيين الكبار عندنا ، وهو من الذين أكن لهم احتراما ،غير أنني أعرف أنه كان غاضبا عليّ بسبب مواقفي و خاصة منها الموقف الأخير المتعلق بقضية العودة إلى البلاد من عدمها و ما ترتب عن ذلك من أفعال و ردود أفعال و مضاعفات ، فحاولت أن ألاطفه و أن ألف حوله ، يمينا و شمالا ، ولاحقته عَلَيَّ أظفر منه ببسمة و لو صفراء في يوم عيد ، و لكن الرّجل تفلت . ولم أستسلم لذلك، بل أصررت على مراودته وقاربت و سددت ثم وثبت عليه وثبة الأخ الحنون على أخيه وأعترف أنني في هذه المرة لم أترك له فرصة للتفلت و عانقته و عايدته وتمنيت له قبول الصيام و القيام و صالح الأعمال،ثم و ضحت له رغبتي في المصارحة و الحديث معه حتى لا يغضب أحدنا على أحد من دون سبب معقول ، و لكن الرجل ، سامحه الله ، أجابني بكل برودة دم و استعلاء بأنه لا يرى ضرورة لذلك . فتأسفت لذلك طبعا، و لكني أشفقت عليه في نفس الوقت لأن صاحبي لم يستطع أن يفرق بين الحركة التي هي مشروعنا المشترك و الذي لا ينبغي لأحد منّا أن يزايد به على الآخر ، و بين العلاقات الشخصية البحتة التي ينبغي علينا أن نصونها و خاصة في مثل هذه الأيام المباركة .

أوصيك يا ولدي كن شجاعا و لا تخش إلاّ الله ، فعش عزيزا او مُت و انت كريم و شهيد ، فقاوم الإستبداد و المستبدين و لو كانوا من أهلك و أقرب النّاس إليك ، لأن الإستبداد كلّ ٌ لا يتجزأ ، فوجهه قبيح و رائحته نتنة و معايشته سبب لغضب الرحمن الواحد الديّان ، سواء مارسه حاكم او محكوم أو رئيس حزب أو شيخ طريقة أو رئيس ناد من النوادي، ...... و سواء مارسه فرد أو جماعة .

يا و لدي : لا تغرنّك المظاهر و لا الشعارات، و لا تحسبن أن كل من قال أنه متدين أو إسلامي هو بالضرورة ملاك و مثال يحتذى، و ليكن مقياسك في معرفة النّاس ، كما قلت لك ، الصدق في القول و العمل ، و الإلتزام بالمبادىء والأخلاق في الواقع اليومي المعاش ، فالدين مقصده الأساسي المعاملات الحسنة و تمام مكارم الأخلاق، فنحن قوم نقول ما نفعل و نفعل ما نقول وإلاّ فما الفرق بيننا والآخرين الذين لا يُعيرون للأخلاق دورا و لا قيمة في حياة النّاس .

يا ولدي : أرجوك أن لا تحقر أنسانا ، مسلما كان أو غير مسلم ، رجلا كان أو امرأة، و اعلم أنّه من تواضع للنّاس أحبّه النّاس ، و من تواضع لله رفعه الله ، و تذكر أن ساعة المرء تأتي بغتة دون سابق إعلام ، فاستعد لذلك و أكثر من ذكر هادم الملذات ، و مفرق الجماعات و ليكن شعارك الذي تلتزم به و تربي عليه أبناءك قول الله تعالى : (يا بني أقم الصلاة و آمر بالمعروف و آنه عن المنكر و اصبر على ما أصابك إنّ ذلك من عزم الأمور ، و لا تُصعر خدّك للنّاس و لا تمش في الأرض مرحا إنّ الله لا يحب كل مختال فخور . ) لقمان/ 17/18. فالكبر داء عُضال ، وإياك ثم إياك أن تقترب منه أو تحدثك نفسك به ، و النبي صلى الله عليه و سلم قد أرشدنا إلى ذلك و حذرنا منه عندما قال (ص) ( لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) .

يا ولدي أوصيك أن لا تترك الأمور تتفاقم و تتراكم حتى تتعفن ، فيصعب الإصلاح عندئذ و التعافي ، وعليك أن تُعالج الأمور من البداية ، و إذا استطعت أن تستشرف الأحداث و تستبقها في عملية وقائية فآفعل، و عليك أن تراجع نفسك إن استطعت بالليل و النهار و تستغفر الله لذنبك في اليوم مرات عديدة فذلك أفضل لك و أنجى .

يا ولدي : كن فاعلا و بادر بالأعمال الصالحات و لا تنتظر الآخرين حتى يبادروا ، لأنهم قد لا يبادروا فتضيع على الأمة فُرصا غالية و ثمينة للإصلاح فتندم على ذلك
في وقت لا ينفع فيه الندم .

يا و لدي : تواصل مع النّاس و انفتح عليهم و كن تلقائيا معهم و عاشرهم بالمعروف و عاملهم بالتي هي أحسن .
و أوصيك أيضا أن تدون كل ما تنوي قوله أو القيام به ، فذلك أوضح و أدوم ، و لا تخجل أو تتردد في التعريف بنفسك و ما تنوي القيام به على أوسع نطاق ممكن ، فإنّ التواصل الجميل مع الآخرين و حُسن العرض هو نصف العمل أو أكثر و خاصة في هذا الزمان ، و لا تعتقدنّ أن ذلك من الغرور أو التكبر ما دام العمل خالصا لوجهه الكريم سبحانه .

يا ولدي : أوصيك أن لا تندم على شيء فعلته أبدا ما دمت مخلصا لله و صادقا مع نفسك.
أمّا إذا أردت النجاح في تدبير شؤونك حتى الدنيوية منها ، فعليك بالتوكل على الله ، و لا تفعل إلاّ ما تحبه عبر تخطيط واضح و متدرج،ولا ترهق نفسك بما لا تطيق ، و لك أن تكون طموحا بشرط أن لا تتعسف على الواقع ، فتقرأه و ما يحتوي عليه من موازين قوى قراءة صحيحة فتبني على ضوء ذلك أهدافك ، و عليك بالمداومة و الإستمرار و المراكمة في الإتجاه الذي تريد أن تصل إليه. و عليك بخدمة النّاس و العمل على سعادتهم بكل محبة و إخلاص ، فبقدر ما تخدمهم يخدمونك ، و بقدر ما تسعى في مصلحتهم يسعون في مصلحتك . هذه بعض شروط النجاح ، و لك أن تجرب ذلك فستقف على صدق ما أقول بنفسك.

يا ولدي : تزيّن بالإيمان، فإنه أصل كل سعادة ، وبالحلم ، فإنّه راحة بال ، فلا تحقد على أحد، و بالعلم ، فإنّه فضيلة و نور في الدنيا و الآخرة ، و لتعلم أن فضل العالم على العابد كفضل القمر المنير على سائر الكواكب ، و أنّ الله و ملائكته وأهل السموات و الأرض حتى النّملة في جحرها والحوت في الماء ليُصلون على معلم النّاس الخير. و عليك بالجماعة ، و بقدر ما تكون الجماعة أكثر عدد ، فهي أفضل ، فألزم جماعة المسلمين واصطبر عليها خير لك من الفرقة ، فهي عذاب وذهاب للدِّين و العزّة . و إيّاك أن تُساوم في حريتك مهما كان الثمن ، فحريتك هي رمز كرامتك و إذا انتهكت حريتك انتهكت كرامتك ، و لم تعد شيئا مذكورا.

يا و لدي : هذه بعض الوصايا أنصحك بها، هي من وحي التجربة و المعاناة، قد لا تجدها و لا تقرأها في كتاب أو كراس أو مخطوط فخُذها عنّي ، أمّا أصول الإيمان والثابت من الدّين و المعلوم منه بالضرورة ، فخُذها من القرآن و الصحيح من السنة . عليك بالقرآن ، أيها الولد الحبيب، اتخذه لك رفيقا ومؤنسا و صاحبا و مُرشدا و معلما و مربيا و مرجعا وملاذا و دستورا ودليلا تهتدي به في الظلمات و تسير به بين النّاس ، تفز بالسعادة في الدنيا و لأجر الآخرة خير و أبقى .

إليك يا ولدي هذه النصائح من أب محب ، و قد لا تفهم الكثير منها لأنك لتزال صغيرا ، و قد تتجاوز براءتك ، و لكن غدا ، إن شاء الله ، سيشتد عودك و ينضج فكرك ، وأنت تعرف يا ولدي و لو كنت صغيرا أنّ علاقتي بك محال أن تقوم على المغالطة و بيع الأوهام ، فهذا شأن أصحاب المصالح الظرفية وأهل كثير من الأحزاب الدنيوية، و إنّما هي قائمة على الإخلاص و الوفاء والمحبة ، و المحب لمن أحب دليل و ناصح أمين .

إليك و إلى كل الأبناء و البنات من أبناء المسلمين في كل مكان و في كل زمان أقدم هذه النصائح ، فكلكم أبنائي و بناتي ، عليكم أغار و أدافع و أنافح ، و لا أتمنى لكم إلاّ الهداية الربانية و الفلاح و النجاح في الدينا و الآخرة و خاصة إذا ماكنتم صالحين ولأبائكم بارّين وإلى بلادكم نافعين .

و لك يا ولدي أن تدعو الله بهذا الدعاء : اللهم إني أعوذ بك من أن أزِّل أو أ ُزَل أو أظلِم أو أ ُظلََم أو أضِّل أو أ ُضل أو أ َجهَلَ أو يُجهَل عليَّ . و لك أن تدعو الله أيضا : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن و الجبن و البخل و غلبة الدّين وقهر الرجال . و غير ذلك من الأدعية المأثورة و غير المأثورة ، فالدعاء مخ العبادة و هو سلاح المؤمن و خاصة عند الشدائد و في المحن . أسال أن يهديك لما يحبه و يرضاه و يصلح حالك في الدنيا و الآخرة ، إنّه سميع مجيب .
مصطفى عبدالله الونيسي/ باريس
الإثنين 3شوال1428هـ الموافق 15أكتوبر 2007م
ounissimustapha@hotmail.com

vendredi 19 février 2010

مِـنْ أخبارنا السّعيدة

اكتشاف تونسي لتحويل عصر الزّيتون إلى وقود حيوي
توصل الباحث التونسي في مجال الطّاقة محمّد الحلواني الذي يبلغ من العُمر 47 سنة إلى أكتشاف طريقة جديدة لاستخراج الوقود الحيوي من مادة مخلفات عصر الزّيتون التي تفرزها عملية تحويل الزّيتون في المعاصر إلى زيت.وكمال الحلواني يّشرف حاليا على فريق من الباحثين ضمن وحدة بحث الأنظمة الإلكتروحرارية الدقيقةالتابعة للمدرسة الوطنية
للمهندسين بمدينة صفاقس.
المصدر وكالة الأنباء الأردنية بتاريخ 18فيفري 2010


اكتشافات بترولية جديدة واعدة بالجنوب التونسي
  • أعلنت شركة النّفط الوطنية النمساوية(أو.أم.في)أنها حققت اكتشافات جديدة واعدة في منطقة (جنين) الواقعة في الجنوب التونسي على بعد 700كلم عن العاصمة تونس.ويُعدّهذا الإكتشاف الخامس من نوعه خلال أربع سنوات من التنقيب. المصدر :جريدة الصباح اليومية /تونس بتاريخ 18فيفري 2010

mardi 16 février 2010

إصدارات فكرية و ثقافية

لقد صدر كتاب قيم لصديقنا الباحث أ.عبدالحق الزموري تحت عنوان مراجعات في وعي النهضة:تونس القرن 19 أنموذجا

عن الدّار المتوسطية للنشر و مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم ضمن سلسلة الكوثر

كما صدر له مقال جيد تحت عنوان :المؤسسة الدّينية في تونس القرن 18:واقع وأدوار على أبواب الحداثة

و صدر أيضا ديوان شعر للشاعر عبدالعزيز مصدق

في ربوع البادية تقديم الهادي العثماني ، مطبعة الخدمات السريعة