جَــدِّ د أيـَّامَـكَ و زيـِّنـْها (3)
مصطفى ونيسي/ باريس
إنَّ خيرَ ما يُزيِّنُ به الإنسان العاقل و السّوِي ِ أيّامَهُ التي كتب الله أن يعيشها هو تقوى الله. فهي زِينـَة ٌ في الحياة الدنيا ومَهَابَة ٌ و عِـزَّة ٌ و كَرَامَة ٌ ، وهي في الآخرة نـُورٌ ونَجَاة ٌ وفـَوْزٌ ورِفـْعَـة ٌ. ولذلك لا يزال المؤمنون يوصون بعضهم بعضا بتقوى الله تعالى. و مَـنْ أوْصَاك بتقوى الله فقد أحبـَّك و نصحك. ومِنْ أسمى تجليَّات تقوى الله ، الرِّضا بالـقضاء والتسليم بقـَدَرِهِ و التَّوَكـُّلِ عليه تـَوَّكـُّلَ مَنْ كان يقينه في عدل الله تعالى مطلقا و ثقته في رحمته كاملة لا يساورها أدنى شكٍّ أو رَيْبٍ.
التوكل على الله فيض الهي لا يناله إلا المتـّقون :
يقول الله تعالى ( و من يتوكل على الله فهو حسبُهُ )(1)، و قال صلى الله عليه و سلّم : ( لو أنـّكم تتوكلّون على الله حق توكله لرزقكم كما تـُرزق الطـّير تغدو خماصا وتروح بطانا )(2). وكان ابن عطاء الله يحضُّ النّاس ويستحثـُّهُمْ على تسليم الأمر لله تعالى و يُبَيِّنُ لهم آداب التـَّجَرُّدِ له سبحانه(3). ولكن هذا الكلام النفيس لا يعني بحال من الأحوال ترك الأسباب وإهمال وسائل الكسب الحلال والتواكل وترك التداوي و الاستسلام للمهلكات بحجة التوكل على الله، فذلك خطأ ، بل و حرام في شرعنا الحكيم. والمُؤْمِنُ الحَـقُّ هو من اعتقد جازما أنَّ له حَوْلا ً
وقـُوَّة ً،ولكنهما بشرط خاضعان لإرادة إلهية كبرى، وذلك لأن إرادة الإنسان المؤمن مِنْ إرادة الله و إرادة الله لا تـُقـْهَرْ بحال مِنَ الأحوال ولو كره المشركون. فشعور الإنسان بحوله و قوّته ضرورة، كما أنّ نهوضه للأسباب المعتادة في تدبير شؤون حياته الدنيوية حَقُُّ. فمن كان هذا حاله فهو فِي عِدَادِ المُتوكلـِّين على الله ربِّ العالمين وإن سعى في أرض الله وكسب. هذا ما ذكره الإمام أبو حامد الغزالي. و لذلك يستدرك ابن عطاء الله على كلامه السّابق حتى لا يفهم خطأ فيقول : ( إنّ التسّبب لا ينافي التوكل)، مفسّرا حديث الإمام أحمد السّابق بأنـّهُ حاضٌّ على إتيان الأسباب وإثباتها لا نفيها عندما يقول : ( تغدو، و تروح ) !! فقد أثبت النبيّ صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث أن للطـّير غـُدُوًّا و رواحا، وهذا هو سبيلها الـّذي تحيا به و تعيش عليه.كما أنـّهُ ورد عن النبي الكريم عليه الصلاة و السّلام أنه قال: ( مَنِ انقطع إلى الله كفاه الله كلّ مؤونة، ورزقه من حيث لا يحتسب، ومَنِ انقطع إلى الدُّنيا وكله الله إليها)،وقد جاء في الحديث الشهير عن أبي العبّاس عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما قال: كُنْتُ خلف النـّبي صلى الله عليه و سلّم فقال: ( يا غـُلام إنـِّي أعلمكَ كـَلِمَاتٍ: احفظِ الله يحفظك، احفظِ الله تجده تـُجاهكَ،واعلَمْ أنَّ الأمـّة َ لـَوْ اجتمعتْ علَى أن ينفعوكَ بِشَيءٍ لَمْ ينفعُوكَ إلاَّ بِشـَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وإن اجتمعوا عَلَى أنْ يضُرُّوكَ بشَيءٍ لَمْ يضـُرُّوكَ إلاَّ بشيءٍ قد كتبَهُ الله عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ و جفـَّتِ الصُّحُفُ .) (4) ورُوِيَ أنّ الله تعالى أوحى إلى بعض الأنبياء أن يُنادى: إنَّ ربـّكُمْ يقولُ: (مَنْ تَحَوَّلَ لِي مِمَّا أكـْرَهُ إلى مَا أ ُحِبُّ تَحَوَّلـْتُ لـَهُ مِمَّا يَكْرَهُ إلـَى مَا يُحِبُّ ). فمن توّكل على الله تعالى أسكن قلبه نـُورَ الحِكْمَةِ و كَفـَاهُ كـُلَّ هَمٍّ. فالتوكل على الله هي فيض إلاهي لا يَطِيقـُهُ وَ يـَقـْدِرُ عـَلَيْهِ إلاّ المُتـّقون الصادقون المخلصون ،فإذا أردت أن تكون منهم فعليك بتقوى الله فإنّها أصل كل فضيلة وأساس كل برٍّ و جماع كُلِّ خيرٍ. وتقوى
الأ ُ صولِ مِنَ الأبَاءِ والأمَّهَاتِ، كما قال العلماء، تنفع الفروع مِنَ البنينِ و البَنَاتِ، وقد قال تعالى: ( وكان أبوهما صالحا)، قيل: كان عاشرَ جدٍّ لأمٍّ. وإليك أخي المؤمن مثالا واحدا يحكي فـَرَادَة َ واحِدٍ من هؤلاء المتقين الأخيار و تميّزهم في إيمانهم و تقواهم وسلوكهم وشجاعتهم وإقبالهم على الله رب العالمين، يرويها لنا واحد من سلف هذه الأمة الصالح المُصلحِ ليكون لك نبراسا ومقياسا تقيس عليه مدى قـُرْبَكَ و بُعْدَك عن هؤلاء المُصطفين الأخيار:
قالَ بعضُ الصَّالِحين: لـَقِيتُ غـُلاما في طرِيقِ مَكـَّة يمشِي و حدَه ُ ، فقلتُ : ما مَعَكَ مـُؤْنِسٌ؟
قال: بـَلـَى.
قـُلـْتُ : أيْنَ هو؟
قالَ : أمامي، و خـَلْفِي، و عـَنْ يَمِينِي، و عـَنْ شِمـَالِي، و مِنْ فـَوْقِي.
قـُلْتُ : أما مَعَكَ زاد ٌ؟
قال: بلى
قلت ُ: أين هو؟
قال: الإخلاصُ و التـّوْحيدُ، و الإيمان والتـَّوكُلِ عليهِ.
قلت: هَلْ لـَكَ في مُرافقتِي؟
فقال: الرَّفيقُ يَشغلُ عَنِ الله ، و لا أحبُّ أنْ أرافقَ ما يَشغَلُنِي عنْه ُ طَرْفَة عَيْنٍ.
قلتُ: أمَا تَسْتَوْحِشُ فِي هذه البَرِّيَةِ؟
قال: إنَّ الأ ُنْسَ قَطـَعَ عَنِّي كـُلَّ وِحْشَةٍ، فلَوْ كُنْتُ بينَ السِّباعِ .. ما خِفْتـُها.
قلتُ : ألَكَ حاجة ٌ ؟ قال : نعم، إذا رأيتني .. فلا تـُكـَلـِّمْنِي.
قلتُ: ادْعُ لِي.
قال: حجب الله طـَرْفـَكَ عن كُلِّ معصيَةٍ، وألـْهَم الله قلبكَ الفكر فيما يُرْضِيهِ. قلتُ: حبيبي، أينَ ألقاكَ؟
قالَ: أمَّا فِي الذُّنـْيَا ... فلا تُحَدِّثْ نفسكَ بِلِقائي، وأمَّا في الآخِرَةِ .... فإنـَّها مجمعُ المتـّقِين، فإنْ طـَلَبْتَنِي هُناكَ ...فاطـْلُبْنِي في زُمْرَةِ النـَّاظرينَ إلى الله عزَّ و جلَّ.
قلتُ: و كيف عَلِمتَ؟
قال: بـِغَضِّ طـَرْفِي لـَهُ عَنْ كـُلِّ مُحَرَّمِ، واجتنابي فيه كـُلَّ مـُنْكَرٍ و مأثمٍ، وقد سألتهُ أن يجعل جنـَّتِي النَّظَرَ إليهِ. ثـُمَّ صَاحَ ، وأقـْبَلَ يـَسْعَى حتىَّ غابَ عن بصري.(5)
فعليك بتقوى الله أيها الإنسان، زيِّن بها أيَّامك، فهي لباس المتقين، و زينة الصالحين في كل آن و حين ، فاستمع إل قول الله تعالى: ( ولباسُ التـَّقْوى ذلك خير).
إذا المَرْْءُ لمْ يَلْبِسْ مِنَ التـُّقَى تقـَلـَّبَ عُرْيَانـًا ولـَوْ كانَ كاسِيًا
فَخَيْرُ خِصَالِ العَبْدِ طاعَة ُربِّهِ ولاَ خَيْرَ فِيمَنْ كانَ للهِ عَاصيًا
يقول الله تعالى:( يا أيها الـّذين آمنوا اتـّقـُوا الله حقَّ تـقاته و لا تـَمُوتـُنَّ إلاَّ وأنتم مُسْلِمُونَ )(6) . فآتقوا الله ما استطعتم، فبتقوى الله تستجلبون بَرَكَة ً و سعادة أبدّية، و بها تستدفعون شَـقاوَة ً وبَلاء أينما كنتم و حيثما حللتم.
وإلى حلقة قادمة، فهذا جُهْدُ عَبْدِكَ الْمُقِّلِ، أسأل الله العليّ الكريم أن يتقبّله ،فإن حالفه بعضا من التوفيق فذلك من فضل الله وجوده و كرمه، وإنْ لم يكن كذلك فمن نفسي و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله .
الأحد4أفريل2010 مصطفى ونيسي/ باريس
هوامش :
1 ـ الطلاق/3
2 ـ أحمد
3 ـ انظر كتابه( التنوير في إسقاط التدبير) نقلا عن الشيخ محمد الغزالي جدد حياتك.
4 ـ رواه الترمذي و قال حديث حسن صحيح
5 ــ خيرالدّين أبي البركات نعمان بن محمود الألوسي الحسيني البغدادي: غالية المواعظ و مِصباح المتـّعظ و قَبَسُ الواعظ ص:512/513
6) آل عمران/102
جَــدِّ د أيـَّامَـكَ و زيـِّنـْها (3)
مصطفى ونيسي/ باريس
إنَّ خيرَ ما يُزيِّنُ به الإنسان العاقل و السّوِي ِ أيّامَهُ التي كتب الله أن يعيشها هو تقوى الله. فهي زِينـَة ٌ في الحياة الدنيا ومَهَابَة ٌ و عِـزَّة ٌ و كَرَامَة ٌ ، وهي في الآخرة نـُورٌ ونَجَاة ٌ وفـَوْزٌ ورِفـْعَـة ٌ. ولذلك لا يزال المؤمنون يوصون بعضهم بعضا بتقوى الله تعالى. و مَـنْ أوْصَاك بتقوى الله فقد أحبـَّك و نصحك. ومِنْ أسمى تجليَّات تقوى الله ، الرِّضا بالـقضاء والتسليم بقـَدَرِهِ و التَّوَكـُّلِ عليه تـَوَّكـُّلَ مَنْ كان يقينه في عدل الله تعالى مطلقا و ثقته في رحمته كاملة لا يساورها أدنى شكٍّ أو رَيْبٍ.
التوكل على الله فيض الهي لا يناله إلا المتـّقون :
يقول الله تعالى ( و من يتوكل على الله فهو حسبُهُ )(1)، و قال صلى الله عليه و سلّم : ( لو أنـّكم تتوكلّون على الله حق توكله لرزقكم كما تـُرزق الطـّير تغدو خماصا وتروح بطانا )(2). وكان ابن عطاء الله يحضُّ النّاس ويستحثـُّهُمْ على تسليم الأمر لله تعالى و يُبَيِّنُ لهم آداب التـَّجَرُّدِ له سبحانه(3). ولكن هذا الكلام النفيس لا يعني بحال من الأحوال ترك الأسباب وإهمال وسائل الكسب الحلال والتواكل وترك التداوي و الاستسلام للمهلكات بحجة التوكل على الله، فذلك خطأ ، بل و حرام في شرعنا الحكيم. والمُؤْمِنُ الحَـقُّ هو من اعتقد جازما أنَّ له حَوْلا ً
وقـُوَّة ً،ولكنهما بشرط خاضعان لإرادة إلهية كبرى، وذلك لأن إرادة الإنسان المؤمن مِنْ إرادة الله و إرادة الله لا تـُقـْهَرْ بحال مِنَ الأحوال ولو كره المشركون. فشعور الإنسان بحوله و قوّته ضرورة، كما أنّ نهوضه للأسباب المعتادة في تدبير شؤون حياته الدنيوية حَقُُّ. فمن كان هذا حاله فهو فِي عِدَادِ المُتوكلـِّين على الله ربِّ العالمين وإن سعى في أرض الله وكسب. هذا ما ذكره الإمام أبو حامد الغزالي. و لذلك يستدرك ابن عطاء الله على كلامه السّابق حتى لا يفهم خطأ فيقول : ( إنّ التسّبب لا ينافي التوكل)، مفسّرا حديث الإمام أحمد السّابق بأنـّهُ حاضٌّ على إتيان الأسباب وإثباتها لا نفيها عندما يقول : ( تغدو، و تروح ) !! فقد أثبت النبيّ صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث أن للطـّير غـُدُوًّا و رواحا، وهذا هو سبيلها الـّذي تحيا به و تعيش عليه.كما أنـّهُ ورد عن النبي الكريم عليه الصلاة و السّلام أنه قال: ( مَنِ انقطع إلى الله كفاه الله كلّ مؤونة، ورزقه من حيث لا يحتسب، ومَنِ انقطع إلى الدُّنيا وكله الله إليها)،وقد جاء في الحديث الشهير عن أبي العبّاس عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما قال: كُنْتُ خلف النـّبي صلى الله عليه و سلّم فقال: ( يا غـُلام إنـِّي أعلمكَ كـَلِمَاتٍ: احفظِ الله يحفظك، احفظِ الله تجده تـُجاهكَ،واعلَمْ أنَّ الأمـّة َ لـَوْ اجتمعتْ علَى أن ينفعوكَ بِشَيءٍ لَمْ ينفعُوكَ إلاَّ بِشـَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وإن اجتمعوا عَلَى أنْ يضُرُّوكَ بشَيءٍ لَمْ يضـُرُّوكَ إلاَّ بشيءٍ قد كتبَهُ الله عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ و جفـَّتِ الصُّحُفُ .) (4) ورُوِيَ أنّ الله تعالى أوحى إلى بعض الأنبياء أن يُنادى: إنَّ ربـّكُمْ يقولُ: (مَنْ تَحَوَّلَ لِي مِمَّا أكـْرَهُ إلى مَا أ ُحِبُّ تَحَوَّلـْتُ لـَهُ مِمَّا يَكْرَهُ إلـَى مَا يُحِبُّ ). فمن توّكل على الله تعالى أسكن قلبه نـُورَ الحِكْمَةِ و كَفـَاهُ كـُلَّ هَمٍّ. فالتوكل على الله هي فيض إلاهي لا يَطِيقـُهُ وَ يـَقـْدِرُ عـَلَيْهِ إلاّ المُتـّقون الصادقون المخلصون ،فإذا أردت أن تكون منهم فعليك بتقوى الله فإنّها أصل كل فضيلة وأساس كل برٍّ و جماع كُلِّ خيرٍ. وتقوى
الأ ُ صولِ مِنَ الأبَاءِ والأمَّهَاتِ، كما قال العلماء، تنفع الفروع مِنَ البنينِ و البَنَاتِ، وقد قال تعالى: ( وكان أبوهما صالحا)، قيل: كان عاشرَ جدٍّ لأمٍّ. وإليك أخي المؤمن مثالا واحدا يحكي فـَرَادَة َ واحِدٍ من هؤلاء المتقين الأخيار و تميّزهم في إيمانهم و تقواهم وسلوكهم وشجاعتهم وإقبالهم على الله رب العالمين، يرويها لنا واحد من سلف هذه الأمة الصالح المُصلحِ ليكون لك نبراسا ومقياسا تقيس عليه مدى قـُرْبَكَ و بُعْدَك عن هؤلاء المُصطفين الأخيار:
قالَ بعضُ الصَّالِحين: لـَقِيتُ غـُلاما في طرِيقِ مَكـَّة يمشِي و حدَه ُ ، فقلتُ : ما مَعَكَ مـُؤْنِسٌ؟
قال: بـَلـَى.
قـُلـْتُ : أيْنَ هو؟
قالَ : أمامي، و خـَلْفِي، و عـَنْ يَمِينِي، و عـَنْ شِمـَالِي، و مِنْ فـَوْقِي.
قـُلْتُ : أما مَعَكَ زاد ٌ؟
قال: بلى
قلت ُ: أين هو؟
قال: الإخلاصُ و التـّوْحيدُ، و الإيمان والتـَّوكُلِ عليهِ.
قلت: هَلْ لـَكَ في مُرافقتِي؟
فقال: الرَّفيقُ يَشغلُ عَنِ الله ، و لا أحبُّ أنْ أرافقَ ما يَشغَلُنِي عنْه ُ طَرْفَة عَيْنٍ.
قلتُ: أمَا تَسْتَوْحِشُ فِي هذه البَرِّيَةِ؟
قال: إنَّ الأ ُنْسَ قَطـَعَ عَنِّي كـُلَّ وِحْشَةٍ، فلَوْ كُنْتُ بينَ السِّباعِ .. ما خِفْتـُها.
قلتُ : ألَكَ حاجة ٌ ؟ قال : نعم، إذا رأيتني .. فلا تـُكـَلـِّمْنِي.
قلتُ: ادْعُ لِي.
قال: حجب الله طـَرْفـَكَ عن كُلِّ معصيَةٍ، وألـْهَم الله قلبكَ الفكر فيما يُرْضِيهِ. قلتُ: حبيبي، أينَ ألقاكَ؟
قالَ: أمَّا فِي الذُّنـْيَا ... فلا تُحَدِّثْ نفسكَ بِلِقائي، وأمَّا في الآخِرَةِ .... فإنـَّها مجمعُ المتـّقِين، فإنْ طـَلَبْتَنِي هُناكَ ...فاطـْلُبْنِي في زُمْرَةِ النـَّاظرينَ إلى الله عزَّ و جلَّ.
قلتُ: و كيف عَلِمتَ؟
قال: بـِغَضِّ طـَرْفِي لـَهُ عَنْ كـُلِّ مُحَرَّمِ، واجتنابي فيه كـُلَّ مـُنْكَرٍ و مأثمٍ، وقد سألتهُ أن يجعل جنـَّتِي النَّظَرَ إليهِ. ثـُمَّ صَاحَ ، وأقـْبَلَ يـَسْعَى حتىَّ غابَ عن بصري.(5)
فعليك بتقوى الله أيها الإنسان، زيِّن بها أيَّامك، فهي لباس المتقين، و زينة الصالحين في كل آن و حين ، فاستمع إل قول الله تعالى: ( ولباسُ التـَّقْوى ذلك خير).
إذا المَرْْءُ لمْ يَلْبِسْ مِنَ التـُّقَى تقـَلـَّبَ عُرْيَانـًا ولـَوْ كانَ كاسِيًا
فَخَيْرُ خِصَالِ العَبْدِ طاعَة ُربِّهِ ولاَ خَيْرَ فِيمَنْ كانَ للهِ عَاصيًا
يقول الله تعالى:( يا أيها الـّذين آمنوا اتـّقـُوا الله حقَّ تـقاته و لا تـَمُوتـُنَّ إلاَّ وأنتم مُسْلِمُونَ )(6) . فآتقوا الله ما استطعتم، فبتقوى الله تستجلبون بَرَكَة ً و سعادة أبدّية، و بها تستدفعون شَـقاوَة ً وبَلاء أينما كنتم و حيثما حللتم.
وإلى حلقة قادمة، فهذا جُهْدُ عَبْدِكَ الْمُقِّلِ، أسأل الله العليّ الكريم أن يتقبّله ،فإن حالفه بعضا من التوفيق فذلك من فضل الله وجوده و كرمه، وإنْ لم يكن كذلك فمن نفسي و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله .
الأحد4أفريل2010 مصطفى ونيسي/ باريس
هوامش :
1 ـ الطلاق/3
2 ـ أحمد
3 ـ انظر كتابه( التنوير في إسقاط التدبير) نقلا عن الشيخ محمد الغزالي جدد حياتك.
4 ـ رواه الترمذي و قال حديث حسن صحيح
5 ــ خيرالدّين أبي البركات نعمان بن محمود الألوسي الحسيني البغدادي: غالية المواعظ و مِصباح المتـّعظ و قَبَسُ الواعظ ص:512/513
6) آل عمران/102
lundi 5 avril 2010
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire