dimanche 10 mai 2009

بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية

بسم الله الرحمان الرحيم

بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية : المؤلف عمارالسوفي.

تقديم مصطفى عبدالله الونيسي.


الجزء الأول: حتى لا ينسى جيل الإستقلال تضحيات من قاوموا و جاهدوا المستعمر لتنعم تونس بالحرية.

لا يُسعدني شيء في هذه الحياة مثل قراءة فكرة جميلة و نبيلة، تُشجعنا على الخير و تدفعنا للعمل الصالح ،أو الإستماع إلى كلمة طيبة و صادقة خارجة من قلب صادق و مخلص لله رب العالمين تُنمي فينا الشعور بالعزة و الكرامة و المسؤولية و الغيرة على المباديء و القيم و خدمة الأمة و الصالح العام ضرب ) :الله مثلا كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أُكلها كلّ حين بإذن ربها .....). و خدمة لهذا الغرض النبيل ووفاء لأبطال الحركة الوطنية و خاصة في الجنوب الشرقي للبلاد ، يُسعدني أن أقدم كتاب (بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية ) لمؤلفه عمار السوفي، حتى لا ينسى جيل الإستقلال تضحيات أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وبذلوا دماءهم رخيصة من أجل استقلال تونس و عزّتها و ما بدّلوا تبديلا.

الكتاب: ( بني خدّاش و جيرانها عبر الحركات النضالية: من الحركة التمردية إلى الحركة اليوسفيّة) ط 1سنة 2001م من الحجم المتوسط ، عدد الصفحات 234مطبعة الرشيد/الياسمينةــــ صلامبو/ تونس.

التعريف بالكاتب: عمار السوفي . من مواليد بني خدّاش يوم 4جانفي1957

زاول تعليمه الإبتدائي بمدرسة 2مارس1934 ببني خدّاش ، ثم بالمعهد الثانوي بمدنين، فمدرسة ترشيح المعلمين بقفصة حيث تحصل على شهادة ختم الدروس الثانوية الترشيحية في دورة جوان1978

يقول المُؤلف عن مُؤلفه : (ووفاء لشهداء الوطن اندفعت للبحث في موضوع النضال الوطني و الكفاح التحريري بالجنوب الشرقي لتونس مُتخذا نضال قلعة الصمود بني خداش موطني و مسقط رأسي نموذجا دون أن أسهو عن جهود المناطق المجاورة لها في تدعيم تلك الجهود) (1)

ينقسم هذا الكتاب إ لى عشرة فصول و خاتمة.

في الفصل الأول من هذا الكتاب : العوامل المؤثرة : تحدث الكاتب عن العامل الجغرافي، فتعرض ل:

الموقع و التضاريس: فبني خداش تقع في الجنوب الشرقي للبلاد التونسية ،و هي منطقة جبلية تنتمي لسلسلة جبال مطماطة ، وهي بوابة الصحراء للجنوب الشرقي لتونس،وهي منطقة وسطى بين الجفارة شرقا و منطقة العرق الصحراوي غربا.

تحدث ،أيضا، عن المناخ و الغطاء النباتي و الثروات الحيوانية و البرية و الفلاحة. وتحدث في هذا الفصل الأول عن العامل التاريخي ، مبينا أنّ بني خدّاش قد تعاقبت عليها حضارات تاريخية متعددة نجد آثارها قائمة ، ومن بين هذه الحضارات نجد:

1) الأمازيغ و هم من البربر.

2) الحضارة الرومانية: يستغرب الكاتب في الأول من وجود هذه الآثار لقصر روماني ، نسبهُ المؤرخون لرومان مدينة جيكيتيس، في مثل هذا المناخ الصحراوي الجاف و في مثل هذه المنطقة الجدباء. و لكن الكاتب يعتبر أنّ المنطقة لم يكن مناخها في العهد الروماني هو مناخها اليوم مدعما وجهة نظره بتواجد هذا الوادي الذي أُطلق عليه ( وادي خشب ) نسبة لتراكم الأخشاب على ضفافه التي كانت مكسوة بغابة من الأعشاب.

3)الحضارة الإسلامية: يبدو أنّ أهم فترة عرفتها المنطقة هي انتشار الخوارج الأباضية ، و هي من أكثر الفرق الخارجية إعتدالا و أقربها إلى أهل السنة وهي لا تزال تُعرف عندنا ب (الخوامس ) ، و يبدو أنهم استقروا في هذه المنطقة فرارا من اضطهاد الفاطميين (الشيعة) و بني زيري و خاصة في عهد المعز بن باديس الصنهاجي في القرن الخامس الهجري . و استوطن الخوارج (دمر ) الاسم القديم لبني خدّاش، فاعتنوا بغراسة الزيتون و نحتوا لعصرها معاصر مثل معصرة (جبل الزوّاي) و حفروا بئرا لتوفير الماء الصالح للشراب يُعرف حتّى اليوم ب(بئر البرّادي) نسبة إلى أحد علماء الأباضية الذّي خلف إبنا ذاعت شهرته و علا صيته بين علماء زمانه و هو أبوالفضل أبو القاسم بن ابراهيم البرّادي .

كما نجد في هذه المنطقة أثارا للهلاليين ، إذ وجد فيها ذياب الهلالي مرتعا مناسبا لإبله فكان يُراقبها و هي راتعة من قمة جبل يُعرف اليوم ب(قليب ذياب). كما أنّنا نجد على مقربة من بني خداش ( قصر الجوامع).

و بنو جامع يبدو أنّهم قوم حكموا قابس إثر انقسام دولة بني زيري بعد الزحف الهلالي على شمال افريقيا و تخريب القيروان.

الفصل الثاني : بني خداش ملجأ الأبطال : حدثنا الكاتب في هذا الفصل عن جبال بني خداش و كيف كانت ملجأ حصينا ومناسبا لأبطال كبار من المجاهدين و المقاومين للمستعمر الغاشم من مثل:

1) المجاهد الكبير الدغباجي : ولد محمد بن صالح الدّغباجي سنة1885 م بوادي الزيتون الواقع على مسافة 30كم من بلدة الحامة و ينتمي لعرش (الخرجة ) أحد الفروع المكونة لقبيلة بني زيد.

و للبطل محمد الدغباجي مع بني خداش و أهلها روابط متينة تكونت أيام ثورته و تمرده على السلط الفرنسية حيث كان يتحصن في جبالها ويروم التخفي بين شعابها و يلتجىء إلى أهلها فيجد عندهم العون و المؤونة و المأمن.

و قع تجنيد بطل بني زيد سنة 1907م في الجندية الإستعمارية ثلاث سنوات . و عند اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914م نجد بطلنا قد جُنّد مرة ثانية ضمن الجيوش الفرنسية في سبتمبر 1915م، و قد كانت هذه الجيوش متواجدة على الحدود التونسية المتاخمة للتراب الليبي. و يبدو أنّ الدغباجي في هذه الفترة قد شعر بالخزي و العار و هو يحمل بندقيته و يقاتل تحت رأية فرنسا ليواجه بني قومه من قبائل أولاد إشهيدة و أولاد دباب بالجنوب الشرقي التونسي المُنضوين تحت قيادة خليفة بن عسكر النّالوتي ، ففر من الجندية الفرنسية و التحق بإخوانه الثائرين من قبائل الجنوب بقيادة البطل الليبي، فجعله هذا الأخير أحد أعضاده و بقي يقاتل معه في و قائع مشهورة مرة ضدّ الإستعمار الإيطالي و مرة ضدّ الإستعمار الفرنسي.

و حين أُبرم الصلح بين إيطاليا و الثوّار الليبيين سنة 1919م عاد الدغباجي إلى موطنه ليواصل كفاحه ضد المستعمر الفرنسي ، فخاض عدة معارك من أهمها:

1) معركة جبل بوهدمة(1919م) شاركه فيها البطل البشير بن سديرة.

2)معركة خنقة عيشة من نفس السنة و قد شاركه فيها أيضا البشير بن سديرة.

3) معركة الزّلوزة يوم غرّة جانفي 1920م

4) معركة المغذية يوم 6أفريل 1923م. في هذا اليوم أُجبر الدغباجي و رفاقه على الإستسلام نظرا لنفاذ ذخيرتهم الحربية، و لكن أهالي بني زيد من المجندين رفضوا أن يُسلموا ابنهم للمستعمر و انتهزوا أول فرصة لتهريبه فاسحين له المجال للفرار متحملين في سبيل ذلك التتبعات العدلية و نقمة المستعمر ، وهذا ما حصل فعلا مع الشيخ الناعس الشرياق الذي حكمت عليه المحكمة العسكرية بخمس سنوات سجنا تُوفي خلالها في السجن يوم 27فيفري1923م.

5) معركة مجاز الجلبانية ( الكائنة بمنطقة بني خدّاش) يوم 12أفريل 1920 إثر فراره من قبضة الأسر صحبة خمسة من رفاقه. يذكر الأستاذ محمد المرزوقي أنّ الدغباجي كان يستعين في معاركه برجال من الحوايا( هم سكان بني خدّاش الأصليين)، و من خلال حديث أجراه هذا الأخير مع عمر كريد ، أحد الثوار البارزين في مجموعة الدغباجي ، إذ يقو ل : ( على إثر خروجنا من الخيام (عملية الهروب) و صلت إلى أهلها قوّة من رجال الصبّايحيّة يتتبعون أثرنا ، و بتنا نحن في ( واد الحلوف) و قد فارقنا رفيقنا الخامس الغمراسني قاصدا أهله النازلين في (ظاهر الحوايا). و في منطقة وادي (أبو الخشب) دخل قلوبنا الإطمئنان إذ كانت المنطقة مليئة بأحياء الحوايا و كلهم من أصدقاءنا )(2)

دارت هذه المعركة بين محمد الدغباجي و رفاقه و عشرة من أعوان فرنسا من المخازنية في مكان قريب من ملتقى الطرقات الصحراوية بني خدّاش ـــ دوزــ قرماسةــــ و اشتهرت هذه المعركة التي قُتل خلالها خمسة من المخازنية لدى الشعراء الشعبيين و منهم الشاعر علي الورثة الحمروني الذي يقول فيها :

جو خمسة يقصّوا في الجرّة

و ملك الموت يراجي

ولحقوا مولى العركة المرّة المشهور الدّغباجي

و لئن كانت هذه المعركة هي المعركة الوحيدة التي خاضها الدغباجي على أرض الحوايا، إلاّ أنّه كان كثيرا ما يلتجىء إلى هذه الجهة إثر مواجهاته مع الأعداء،فكوّن ببني خدّاش عدة صداقات يمكن تصنيفها إلى قسمين:

أ) صداقات مع مجموعة من الرعاة المنتشرين بمنطقة الظاهر وذكر الكاتب أسماء بعض العائلات من عروش مختلفة.

ب)صداقات مع مجموعة من الصيّادين، و ذكر الكاتب أسماء بعض الصيّادين.

2) بلقاسم بن ساسي : هو البطل الآخر الذي اتخذ من بني خدّاش موطنا و ملاذا لنضاله ضدّ المستعمر، و بها كان استشهاده . هذا المجاهد هو بلقاسم بن مبروك بن محمد بن ساسي من عرش أولاد سليم في الضواحي القريبة من بلدة غمراسن بالجنوب الشرقي لتونس. ولد حوالي 1895م.

انضم هذا البطل إلى ثورة خليفة بن عسكر النالوتي ، فشارك صحبة شقيقه الطاهر في معارك الجهاد ضدّ المستعمر الإيطالي و الفرنسي انطلاقا من التراب الليبي، و لم يعد ولدا بن ساسي إلى التراب التونسي إلاّ عند انعقاد صلح (بنيادم) مع الثّوار الليبيين سنة 1919م.

وقائعه :

أ) حادثة وادي الزّاس يوم 3ديسمبر1921م.

ب) اغتيال سالم هبهب : كان هذا الأخير متواطئا مع المستعمر و علم سا سي بخيانته ، إذ كان سالم هبهب يخبر فرنسا بتحركات بلقاسم ساسي فقتله في الليلة الفاصلة بين يومي 5و6سبتمبر1923م.

ج) مقتل الصّديق علي معبي : لمّا ساءت العلاقة بين بلقاسم ساسي و شيخ غمراسن محمد بن سعدالله حاول هذا الأخير إغراء الصديق علي معبي بقتل صديقه بلقاسم ، غير أنّ هذا الأخير علم بالمؤامرة في الوقت المناسب ، فعزم على قتل صديقه السابق علي معبي ن فأغار على دياره و أوقع علي معبي في الأسر و سجنه بقاع ماجل خرب ثم قتله في شتاء 1924م.

د) اغتيال الشيخ محمد بن سعدالله 13 سبتمبر 1927م .

ه) مقتل منصور معبي ، طالب الثأر لأخيه، و ابن أخته مدلل في أوائل 1928م.

و نتيجة لهذه الإغتيالات التى طالت كل أعوان فرنسا في بلدة غمراسن ، اشتد الطوق على بلقاسم و جماعته من الثوار، قامت فرنسا بحملة تمشيط واسعة النطاق للقبض على البطل و أغرت الأهالي بأثمن المكافآت لمن يرشد على مخبىء ابن ساسي أو يقضي عليه. و في الليلة الفاصلة بين يومي 13و14مارس1928م تعرض الثائران علي لملوم و عمر بن علي القرد لدورية أمنية ، و بعد تبادل للطلق النّاري استشهد علي لملوم. وإثر هذه الحادثة التي استشهد فيها علي لملوم استبد اليأس برفيقه و صديقه عمر القرد فأقدم على تسليم نفسه لأعوان جندرمة مدنين يوم 16مارس 1928م.

أمّا بلقاسم بن ساسي و صديقه المبروك الكمايلي فتحصنّا بالجبال ، إلاّ أنّ هذا الأخير اعترضته دورية من المخازنية ، في طريق عودته إلى مخبئه محملاّ بشيء من الزّاد و الماء ، فأطلقت النار عليه ، فهوى الرجل شهيدا، و كان بلقاسم على مقربة من المكان فسمع دوّي الرصاص و شاهد صديقه يقع صريعا ففر لينجو بنفسه. و باستشهاد الكمايلي يفقد بلقاسم رفيقا رافقه في كل المواجهات ، فيدخل هذا الأخير في مرحلة شديدة الوقع عليه . و امام إصرار السلطة الإستعمارية للقبض عليه ، إلتجأ هذا الأخير إلى بني خدذاش و تحصن بجبالها، فقصد عشيرة صديقه عمر بن علي القرد اللملومي ن و يبدو أنّه كان على علاقة بهذا العرش منذ مرافقته لهذا ا لثائر الكبير.

نهاية بلقاسم بن ساسي المأساويّة:

تضاربت الأقاويل و الروايات حول النهاية المأساوية للبطل بلقاسم بن ساسي. ورد في الرواية الأولى للاستاذ محمد المرزوقي أنّ الثائر لدغ من طرف حية بأحد كهوف جبال بني خداش ن فيلجأ إلى بيت صديقه نصر بن عمر اللملومي، و يبقى عنده يصارع سكرات الموت ن و حين يدرك أنّه لن ينجو و يحس بدنو أجله يطلب هو بنفسه من صديقه أن يقتله ليخلصه من العذاب ، فيستجيب صاحب البيت لينجو من التورط من تهمة التورط التستر عن طريد عدالة (المستعمر).

أمّا الرواية الثانية فتقول : أنّ نصر اللملومي حين أدرك أنّ صاحبه لن تكتب له النجاة ، اراد أن ينجو من عقاب إخفاء متمرد في بيته ، فعمد إلى الغدر بصاحبه و اتفق مع زوجته على تنفيذ جريمتها، فعمدت زوجته إلى ضرب البطل على رأسه، و نظرا لما كان يعانيه الرجل من الألم لم يستطع أن يدافع على نفسه، و لكنه مع ذلك استطاع أن يمزق ثياب نصر لمّا أراد أن يطعنه بخنجر. و لكن الرواية الأولى ترى أن تمزيق الثياب كان مجرد تضليل للسلطة.

أمّا الرواية الثالثة فتقول أنّ بلقاسم كان مريضا بالحمّى حين غدر به أهل البيت و هو نائم .

و من خلال استقراء الكاتب لبعض الروايات الشفوية يخلص الكاتب إلى أنّ نصر اللملومي و زوجته عائشة لم ينالا من السلطات الفرنسية مكافأة ، إذ أثبت الطبيب الشرعي التابع لمكتب الشؤون الأهلية بمدنين أنّ القتيل أصيب بالفأس بعد موته. و هكذا يلتحق البطل بلقاسم بن ساسي بربه سبحانه و تعالى شهيدا في الليلة الفاصلة بين يومي 14و15أوت1928م.

3) عبدالله الغول : هو الآخر يتخذ من جبال بني خداش ملجأ و مخبأ. و لعبدالله الغول حكاية مع بني خداش، فقد نشأ و شبّ فيها صغيرا ، ثم لاذ بجبالها و هو ثائر متمرد و مجاهد يذود عن حمى الدّين و الوطن.

العلاقة بين المرازيق و الحوايا:

و لئن ربطت بين المرزوقي و الحويوي المصالح المشتركة و روابط الجوار ، إلاّ أنّ العلاقة كانت فيما يبدو أعمق من ذلك بكثير ، فجدّ المرازيق عمر المحجوب نشأ و ترعرع في زمور إحدى ضواحي قصر بني خدّاش، فشبّ هذا الأخير بين أخواله محاجيب زمور حيث مات والده علي بن أحمد الغوث بن علي بن مرزوق الذي ترك زاوية تنسب إليه لتزال قائمة في زمور عال قدرها بين أهلها. فالعلاقة بين المرازيق و الزمامرة هي علاقة نسب و قرابة دموية إلى جانب الجوار و الدين.

نشأة عبدالله الغول: لم يأت عبدالله الغول إلى بني خداش باحثا عي جذوره أو طلبا لمصلحة أو زائرا لموطن نشأ فيه جدّه عمر المحجوب بل قدم مُبعدا صحبة عائلته من طرف السلط الإستعمارية التي فرضت على أسرة الفتى عبدالله الإقامة الجبرية بقصر الحلوف إحدى مناطق بني خدّاش. ولد عبدالله الغول سنة 1910م. عاشر الفتى المرزوقي أطفال الحوايا و نشأ بينهم محروما من والده الذي بقي مشردا في صحراء الجنوب حتى استشهد سنة 1924م . ترعرع الرجل بين أحضان أمه (هنية) التي زرعت فيه حب المقاومة و التصدي للمستعمر الغاشم وهي تحدثه عن بطولات أبيه و أخواله و صدهم للعدو الرّومي.

إنحياز المرازيق للمحور:

نتيجة لانحياز المرازيق للمحور بما في ذلك رموز السلطة ، نقمت السلطات الفرنسية على المرازيق، فقررت الإنتقام من الشيخ علي بن لطيف و من العامل (الوالي حاليا)نائب الباي بجهة نفزاوة علي بن أبي الضياف فحكم عليهما بالإعدام . ولكن الجنرال( دي قول) قبل فيما بعد مطلب العفو بالنسبة لعامل نفزاوة و لكنه لم يقبله بالنسبة للشيخ علي بن لطيف الذي أعدم ببلدته دوز يوم الجمعة 5 ديسمبر 1944م. و يذكر والد الكاتب صالح السوفي أنّه حضر إعدام الشيخ و يشهد أنه حين أُحضر للإعدام قدم أهالي دوز شيبا و شبابا رجالا و نساء ، و اختلط التكبير و النحيب و الزغاريد، و تقدم الشيخ كأنّه الجبال الشم،فنهى والدته عن البكاء قائلا : ( كان عليك أن تفرحي و تزغردي لأنني سأموت شهيدا ، و هذا مقام يخص به الله عباده الصالحين ، فأنا سأذهب عند ربي مطمئنا، فلن أوصيك بشىء غير الحرص على تعليم إبنيّ الصغيرين، و استشهد الشيخ علي بن لطيف رحمه الله )(3) . و قريبا من هذا ما روته لي خالتي تبر( أم زوجتي ) رحمها الله تعالى رحمة واسعة ، فقد حضرت حادثة استشهاده، فالشهيد كان ابن عم لها ( رحمهم الله جميعا).

ثورة المرازيق:

كان من أبطالها عبدالله الغول الذي شارك في معظم المعارك التي خاضها المرازيق و من ذلك:

ـــ معركة قصر تارسين 24 ماي 1944م

ـــ معركة دوز 29 ماي 1944م

ـــ معركة بئر الأدنس 12 جوان 1944م

ــــ معركة طويل الصابرية 15 جوان 1944م

ــــ معركة تامزرط 28 جوان 1944م، شاركته فيها زوجته حليمة بنت عمر عبوده.

ـــــ معركة قويرات الحب في صيف 1944م

ـــــ معركة بن عسكر في صيف 1944م بالتراب الليبي.

ولمّا استعادت فرنسا سيطرتها على منطقة نفزاوة و تفرق شمل الثوار و انسحبوا ضمن جماعات صغيرة باتجاه التراب الليبي، وكان من بين هذه المجموعات مجموعة تضم سبعة من الثوار كان يقودها عبدالله الغول. و تفطنت القوات الإستعمارية لتحركات الثوار فجندت مئات المواطنين بمنطقة بني خدّاش و تطاوين لاعتراض الغول و جماعته.

البحث عن عبدالله الغول:

القبض على عبدالله الغول:

و في التراب الليبي ألقت السلط الأنقليزية المستعمر الآخر للتراب الليبي القبض على ثلاثة من الثوار هم ك عبدالله بن عمر الغول، و أخوه أحمد بن عمر الغول و المكي بن محمد بن أحمد.

وأثناء الإيقاف في مركز تطاوين ، كان عبدالله الغول يشكو من ضيق قيده، وما من شك في أن الغول اغتنم عاملين أساسين للإفلات من قبضة العدو و مها مساعدة سجانه بسجن تطاوين الذي لم يتحفظ عن توسيع قيده.، و صعوبة مسلك الطريق الجبلي (كاف العنبه) الذي يجبر جميع و سائل النقل على تخفيض السرعة إلى أقصى سرعة لا سيما في المنعرجات. و أثناء صعود السيارة الطريق ارتمى من السيارة بعد أن تمكن من فك يده. و دخل عبدالله الغول شعاب جبال بني خدّاش يلفه الظلام حتى بلغ به المسير إلى مغارة بالجبل تحجب مدخلها فروع سدرة ، فاحتمى بها ليختفي عن أنظار مطارديه. و لما خفت المطاردة و يئس العدو من العثور عليه، قصد الغول أصدقاء صباه من أولاد رحومة من اللما لمة ن فوجد عندهم الامن و هبوا لنجدته و أسعفوه بالعلاج و الطعام .

القبض مرة ثانية على عبدالله الغول:

و بعد شهور تفرق شمل الثوار فقصد الغول منجم ( أم ذويل) بالوطن القبلي فاختلط ببعض العملة من المرازيق فكشف أمره أحد العملة ،فكشف أمره ، وألقي عليه القبض و عرض على المحكمة العسكرية و لكن قبل الحكم عليه جُلب إلى بني خدّاش لمساعدة المستعمر القبض على من أعانه من الحوايا و جلبوا له مجموعة من المشتبه فيهم من مختلف القبائل و العروش تمّّ إيقافهم بالسجن الأرضي ببني خدّاش (القنارية)و منهم أبطال معروفين، و لكن عبدالله الغول أنكر أن يكون على معرفة بواحد منهم.

و عرض البطل عبدالله الغول على المحكمة العسكرية بتونس سنة 1950م، فحكم عليه بالإعدام و نُفذ الحكم بسبخة السيجومي سنة 1951م ليكون الشهيد عبدالله بن الشهيد عمر و أخو الشهيدين أحمد و محمد الغول، فلله درّ عائلة تنجب أربعة من الشهداء. و رثى الشاعر ضو الأبيض بقصيدة طويلة يقول في مطلعها:

وينه زعيم الفلاقة

اللي كان عالي و متسمي

عبدالله و معاه رفاقه

أولاد بداروا ع الذمة

جاني الخبر على طفل قالوا حصل

أيّست فرحة و قلت يا ما لاه

معلوم صيته في العمل الكل

ومشكور في الأفام كان ثناه

مولى شجاعة ليس بحمل ذل

عاده قديمة سابقه لباباه

مصطفى عبدالله الونيسي/باريس

الثلاثاء 11/09/2007


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire