vendredi 12 mars 2010

لا للعداوات والأحقاد

ألا يصح أن نختلف ونبقى إخوانا في الله متحابين ،يحترم بعضنا بعضا، ويُقدر بعضنا بعضا !
النّاس يختلفون في طباعهم و أشكالهم ، وكذلك هم يختلفون في وجهات نظرهم وأذواقهم وقناعاتهم . فالنّاس عند التعامل معهم تجد لهم طباعا مختلفة . هكذا خلقهم الله تعالى. منهم الغضوب .. ومنهم البارد ، منهم الشجاع ومنهم الجبان ، ومنهم الذكي ومنهم الغبي ، منهم المتعلم و الجاهل ...... فكم من ظالم يظن أنّه من أعدل النّاس ، وكم من غبيّ سفيه يرى أنّه حكيم زمانه!! ولنفرض أن أحدا مِمَّنْ تحب قد أخطأ فعلا وجانب الصواب، فنصحته فلم ينتصح ، فهذا الأخ أو المواطن أو الإنسان لا ينبغي أن تنقلب محبتك له بين عشيّة و ضحاها عداوة وحقدا وخُذِ الأمور بأريحية قدر المستطاع،فذلك خير لك في دينك ودُنياك.
لماذا لا ننطلق من مبدأ أنّ معرفتنا ببعضنا ليست كاملة، فنلتمس لبعضنا بعضا الأعذار المناسبة التي تسمح لنا بالتواصل عند الحاجة والضرورة على الأقل.
فأنا شخصيا والذين يُشاطرونني الرأي متيقنون أنّنا لا يمكننا الاستغناء عنكم، أنتم المخالفون لنا في الرّأي والمتحاملون علينا من غير وجه حق في أغلب الأحيان . فأنتم ونحن شركاء في مشروع إصلاحي سياسي مشترك نروم من خلاله عزّة أمتنا وكرامتها و نهضتها الحضارية مهما اختلفنا معكم في تقدير المصلحة الآنية العارضة. إنّا لا نستطيع أن نستغني عنكم مهما كان الخلاف حادّا بيننا . و بناء عليه فإنّه غدا محكوما علينا أن نتعايش سلميا وأن نعرف كيف ندير خلافنا الدّاخلي و نتحكم فيه ليكون مصدرا للثراء وتعدد الخيارات بدل أن يكون مصدرا للخلاف و المنازعات و ذهاب الرّيح. إن الخلاف أمر طبيعي ، ولا ينبغي أن يؤثر سلبا على علاقاتنا الأخوية و الدينية . و المحذور في هذا النطاق هو أن ينقلب هذا الخلاف الذي يسمح به الشرع الحكيم ويُجيزه إلى سبب من أسباب القطيعة وتشتت الصفوف لا قدّر الله تعالى. وعلاجا لهذه الظاهرة التي أحسبها طبيعية يجب علينا أن نبحث جميعا عن الآليات المناسبة لإدارة خلافاتنا وتوظيفها التوظيف الحسن و العقلاني الذي يقوي شوكتنا ويساهم في تطوير مشروعنا الإصلاحي الشامل.
إنّ أيّ تصرف يقوم به أحد النّاس مشهود له بالعدالة قد تكون له خلفيته الخاصة ، وقد يكون هذا الأخير معذورا فيما نأخذه عليه و قد يكون قام به بناء على اجتهاد منه أو بناء على موازنة لتحقيق خير الخيرين أو دفع شرّ الشرّين.
ألم يأتك نبأ ذلك السلطان الذي سجن أحد الأشخاص ظُلما بسبب إنكاره لبعض ما صدر من هذا السلطان، ثُمّ َ حكم عليه بالإعدام . فذهب أحد العلماء ،ــ و قد كان هذا العالم في نفس الوقت صديقا لهذا السجين ، وذا مكانة رفيعة لدى الدولة، ــ يستشفع في هذا السجين الذي ينتظر تنفيذ حكم الإعدام. و قبل السلطان الوساطة بشرط أن يضرب ذلك العالم صديقه عشر جلدات موجعات أمام الملأ. و كان الموقف مُحرجا جدّا ، ولكنّ العالم وافق على ذلك الشرط لأنّ فيه ارتكاب أخف الضررين . وفعلا ضرب صديقه أمام حشد كبير من النّاس، ولكن في المقابل أُطلق سراح المسكين وانتهى كل شيء. و نتيجة لهذه العملية التي لا تليق بمثل هذا العالم في ظاهرها،انبرى النّاس الذين لا يعرفون تفصيلات هذه الحادثة ينتقدون هذا الرجل العالم و يُشهرون به بحجة أنّه ركن إلى الحاكم الظالم وضرب مظلوما و أهانه. أمّا الرّجل المظلوم لمّا فهم الأسباب التي دفعت بصديقه العالم إلى أن يوافق على مثل هذا الموقف الصعب عانقه وأثنى عليه الثناء الحسن.
فالأخبار والشائعات عندما تُنقل إلينا وخاصة إذا ما كانت مُتعلقة بصديق نعرفه فلا بد أن نستوثق منها و نتبينها استجابة لأمر الله أولا وصيانة لأخوتنا الغالية ثانيا: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) الحجرات/آية6
فجدير بنا أيها المناضلون أن لا ننشر خبرا فيه إساءة لأحد من الناس عموما ولأحد من إخواننا خصوصا قبل أن نسأل أنفسنا عددا من الأسئلة لنتأكد من صحة الخبر و جدوى نشره و إذاعته . وعلى ضوء إجاباتنا نقرر ماذا نفعل .
إننا كدعاة إصلاح سيلحقنا من النّاس أذى كثيرا، فلا بد أن نصبر و نصابر ونتحمل ثقلهم وإساءتهم إلينا وخاصة إذا كانوا من ذوي القربى ، بل علينا أن نعاملهم بلطف ونترفق بهم ، ونحاول قدر المستطاع أن نتجنّب عداواتهم، فالحياة أقصر من أن تشغلنا بكسب عداوات و أحقاد تشغلنا عن أهم شيء وأفضله من أجله خُلقنا ومن أجله كُرمنا تكريما عظيما : ( و ما خلقت الجنّ و الإنس إلاّ ليعبدون ) الذاريات آية 56 ( وما أ ُمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء.. ) البينة آية5
مصطفى الونيسي/ باريس

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire